جاء رجل كبير السن يشكو
لرسول الله " صلى الله عليه وسلم" ابنه لما رآه منه من عقوق فقال الرجل: يا
رسول الله كان ضعيفا ًوكنت قوياً ، وكان فقيراً وكنت غنياً ، فقدمت له كل
ما يقدم الأب الحاني للابن المحتاج، ولما أصبحت ضعيفاً وهو قوي، وكان غنياً
وأنا محتاج ، بخل علي بماله ، وقصّر عني.
فأنشد أمية بن أبي الصلت يقول:
غَذوَتُكَ مولوداً وَعُلتُكَ يافِعاً ==== تُعَلُّ
بِما أُحنيَ عَلَيكَ وَتَنهلُ
إِذا لَيلَةٌ نابَتكَ بِالشَكو لَم ====
أَبِت لِشَكواكَ إِلّا ساهِراً أَتَمَلمَلُ
كَأَني أَنا المَطروقُ
دونَكَ بِالَذي ==== طُرِقَت بِهِ دوني فَعَينايَ تَهمُلُ
تَخافُ الرَدى
نَفسي عَلَيكَ وَإِنَني ==== لَأَعلَمُ أَنَ المَوتَ حَتمٌ مُؤَجَّلُ
فَلَمّا
بَلَغَت السِّنَ وَالغايَةَ الَّتي ==== إِليها مَدى ما كُنتُ فيكَ
أُؤَمِلُ
جَعَلتَ جَزائي غِلظَةً وَفَظاظَةً ==== كَأَنَكَ أَنتَ
المُنعِمُ المُتَفَضِلُ
فَلَيتَكَ إِذ لَم تَرعَ حَقَّ أُبوَتي ====
فَعَلتَ كَما الجارُ المُجاورُ يَفعَلُ
زَعَمتَ بِأَنّي قَد كَبِرتُ
وَعِبتَني ==== لَم يَمضِ لي في السِنُ سِتونَ كُمَّلُ
وَسَمَيتَني
باِسِمِ المُفَنَّدِ رَأيُهُ ==== وَفي رَأيِكَ التَفنيدُ لَو كُنتَ
تَعقِلُ
تُراقِبُ مِني عَثرَةَ أَو تَنالَها ==== هَبِلتَ وَهذا مِنكَ
رَأيٌ مُضَلَلُ
وَإِنَكَ إِذ تُبقي لِجامي موائِلاً ==== بِرَأيِكَ
شابّاً مَرَةً لَمُغَفَّلُ
وَما صَولَةُ الحِقِّ الضَئيلُ وَخَطرُهُ
==== إِذا خَطَرتَ يَوماً قَساورُ بُزَّلُ
تَراهُ مُعِدّاً لِلخِلافِ
كَأَنَهُ ==== بِرَدٍّ عَلى أَهلِ الصَوابِ مُوَكَلُ
وَلَكِنَّ مَن لا
يَلقَ أَمراً يَنوبُهُ ==== بِعُدَّتِهِ يَنزِل بِهِ وَهو أَعزَلُ
فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : ما من حجر ولا
مدر يسمع هذا إلا بكى، ثم قال للولد: أنت ومالك لأبيك.
مدر يسمع هذا إلا بكى، ثم قال للولد: أنت ومالك لأبيك.