الشيطان الأبله
يوسف عبيد (أبو
ضياء)
قالت العرب قديماً الشَّياطينُ هي التي تُوحي
بالشِّعر للشُّعراء ولكنَّ هذا الشِّيطان هو شيطانٌ أبله ومع ذلك تأثر به
بعض الشُّعراء وسمعوا أنَّهُ جاء بمذهبٍ بديع في الشِّعر.
الشَّيْطَانُ الأَبْلَهُ
أبـيـتُ عن سانحات النَّوم
في iiشُغُل أسـعـى لـهـا
كـظِباءِ البيدِ iiنافرةً
دنيا من السِّحر تغري القلبَ فهو iiبها حـيـنـاً أُهَـوِّمُ
فـي بيداءَ مُوحِشَةٍ
فـقـلـتُ مالك خلفَ الحرف iiتَنْظُمُهُ وتـقـطـعُ
الـبحرَ والأمواجُ iiعاتيةٌ
تُصارع الموج في البحر الطويل iiإلى حـتَّـامَ تـبـقى
مُعَنَّى الفكر iiمُجْهَدَهُ
هيَّا انصرفْ لحديث الشِّعر
مضطرحاًدَعِ (الـخـلـيلَ) وخلِّ الأقدمين iiوما
واكْـتَـبْـهُ
حـرّاً بلا نظمٍ iiقصائده أمـا تـراه طـلـيـقـاً لا iiيـكبِّلُه
ولا يـضـيِّـقـه خَـبْـنٌ iiويُنهِكُه ولـم تـقـم من
قضاة النَّحو iiمحكمةٌ
ولـم تَـرُعْـهُ مـن الأحداث نازلةٌ
ولا شـجـاه مـن الأمـجاد iiغابرها
ولا هـوى الـدَّار من
(عفراء) iiتَيَّمَهُ هـذي الـخواطرُ
مرَّت بالخيال iiفما
فَـرُحْـتُ أسـأل شيطان القصيد iiألا فـأنـتَ مُـوحـي
قـوافيه iiومُلْهِمُهُ
فـقـال شـيـطانهُ الأشقى
إليك iiبه نـحن الشياطينَ نوحي
الشِّعر iiمختلفاً
ذاكَ الـذي
أَلـهـمَ العُشَّاق مُذْ iiولدوا وهو الذي رافق (المجنونَ) حين iiبكى
وبـعـضُـنـا يُلْهِمُ
المدَّاح ما iiهتفوا فـهـو الذي أرشدَ (الأَعْشى) iiبِمِشْعَلِهِ
ومـن
بـنـي قومِنا من كان iiمهتدياً فـنـالَ (حـسَّـان) من قِيْثَارهِ iiوتراً
تـجـلـو قـصائده
الظَّلماءَ iiمشرقةً حـتَّى الهجاءُ قد
استوحى ii(حُطيئتهُ)
وبـيـنـنـا
مستطيرُ الشَّرِّ iiمفترسٌ وجـاء مـنَّـا ذَوُو فَـنٍّ وكـان iiبنا
حـديـقـةٌ يَـعْـرُبِيُّ
الأصلِ منبتُها هـيَ الـغـناءُ يمسُّ السَّمعَ iiيسحرهُ
رقَّـتْ فـكـانت
كقطر الماء iiمُنْسكباً وزمـجرتْ فهي يومَ الزَّحف iiمُرسلةٌ
وأنـشـدتْ فـهي تاريخُ
الجهاد iiإذا وهـزَّتِ الـمجدَ تحيي
مَيْتَ iiدَارِسِهِ
قـالـوا
القوافي عسيراتٌ فقلت iiكذا وقِـيـلَ سـدٌّ أمـام الـفكر يسجنه
يـا أَحْرُفَ الضَّادِ
عهدٌ أن نَظَلَّ iiعلى نُـمـتّع الفكرَ والروح المشوق iiإلى
نـرعـى القوافي
نناجي اللَّيل نَقْطَعُه , أرعـى الـقوافيَ بين السُّهْد iiوالمللِ
أُجْـفِلْنَ من أسهم
الرَّامي على iiعجلِ مـوزَّعُ الْـخَفْقِ بين الأمنِ iiوالوجلِ
مـنـها وحيناً
بروضٍ مزهرٍ iiخَضِلِ بـكـلِّ خـيـطٍ رتيب النَّظم متَّصلِ
وتـطـلـب الـبَرَّ
سبَّاحاً ولم iiتَصلِ بـحـرٍ مـديـدٍ إلى بحرٍ من iiالرَّملِ
مُـسَـهَّـدَ
الـجفنِ في مُسْتَفْعِلنْ فَعِلِ تـلـكَ الـدواوينَ من نُظَّامها iiالأُوَلِ
قـد أنـشـدوهُ وراء
الـشَّاةِ iiوالجملِ كـالـرَّمل تنثره
في السَّهل iiوالجبلِ
قـيـدُ
الـقوافي ولا يشكو من iiالعِلَلِ كـسـرٌ فـسـاقاه تهتزَّان من iiخَطَلِ
عـلـيا تحاسب في الأخطاء iiوالزَّللِ ولا بـكـى
مُـدْنـفاً يوماً على iiطَلَلِ
ولا تـغـنَّـى بـذكر البانِ iiوالأَسَلِ ولا تـحـرَّق
شـوقـاً إِثْرَ iiمُرْتحلِ
أدري أأنـصفتُ أم أسرفتُ في
iiعَذلي رأيٌ سـديـدٌ
يُـريـنا أرشدَ iiالسُّبُلِ
من عصر قحطانهِ أو عصره iiالْجَهِلِ رأيـاً سـديـداً
وَجِـدَّاً ليس iiبالْهَزِلِ
فـبـعضُنا من نَدَامَى
الحبِّ iiوالغزلِ وكـم رمـاهمْ
بطرفٍ ساحرِ iiالكَحِلِ
لـيلى وروَّى الثَّرى من دمعه iiالهَطِلِ بـه لـكـلِّ
كـريـمٍ مـاجـدٍ بَطَلِ
وألـبـس (الـمـتنبِّي) زاهيَ الحُلَلِ بالله
يـرجـوُ لـديـه أكـرمَ iiالنُّزُلِ
فـأنـفـقَ العمرَ يُطري سيِّد iiالرُّسُلِ فـي لـيـلها
الحالك الْمُرْبَدِّ iiكالْشُّعَلِ
يـسـتلهم الهجو من شيطانه iiالسَّفِلِ وبـيـنـنـا
مستقيمُ الخلقِ iiكالحملِ
قـومٌ فـلاسـفـةٌ مـن سائِرِ
الْمِلَلِ قـطـوفُـهـا يانعاتُ الطَّلع iiوالأُكُلِ
وهـي الـشِّـفاهُ لقلبِ
الْمُوجَعِ iiالثَّكِلِ وفـاخرتْ فهي في
الجوزاء أو iiزُحَلِ
بـقـاصـفٍ من لهيب النارِ iiمُشْتَعِل تُـتْـلـى
الصَّحائِفُ في آَنٍ iiومُقْتبلِ
فـأيـقـظـتْ كلَّ رُوْحٍ
خاملٍ iiكَسِلِ مـدارجُ الـمـجـد
والعلياء iiوالأَمَلِ
في محبسٍ عن
ضياء العصر iiمنفصِلِ هـواكِ لا نـرتضي
بالعهد من iiبَدَلِ
جَـنَّـاتِكَ الْخُضرِ بين
الماء iiوالظُّلَلِ بـكـلِّ طـرفٍ
بجمرِ السُّهْدِ iiمُكْتَحَلِ
يوسف عبيد (أبو
ضياء)
قالت العرب قديماً الشَّياطينُ هي التي تُوحي
بالشِّعر للشُّعراء ولكنَّ هذا الشِّيطان هو شيطانٌ أبله ومع ذلك تأثر به
بعض الشُّعراء وسمعوا أنَّهُ جاء بمذهبٍ بديع في الشِّعر.
الشَّيْطَانُ الأَبْلَهُ
أبـيـتُ عن سانحات النَّوم
في iiشُغُل أسـعـى لـهـا
كـظِباءِ البيدِ iiنافرةً
دنيا من السِّحر تغري القلبَ فهو iiبها حـيـنـاً أُهَـوِّمُ
فـي بيداءَ مُوحِشَةٍ
فـقـلـتُ مالك خلفَ الحرف iiتَنْظُمُهُ وتـقـطـعُ
الـبحرَ والأمواجُ iiعاتيةٌ
تُصارع الموج في البحر الطويل iiإلى حـتَّـامَ تـبـقى
مُعَنَّى الفكر iiمُجْهَدَهُ
هيَّا انصرفْ لحديث الشِّعر
مضطرحاًدَعِ (الـخـلـيلَ) وخلِّ الأقدمين iiوما
واكْـتَـبْـهُ
حـرّاً بلا نظمٍ iiقصائده أمـا تـراه طـلـيـقـاً لا iiيـكبِّلُه
ولا يـضـيِّـقـه خَـبْـنٌ iiويُنهِكُه ولـم تـقـم من
قضاة النَّحو iiمحكمةٌ
ولـم تَـرُعْـهُ مـن الأحداث نازلةٌ
ولا شـجـاه مـن الأمـجاد iiغابرها
ولا هـوى الـدَّار من
(عفراء) iiتَيَّمَهُ هـذي الـخواطرُ
مرَّت بالخيال iiفما
فَـرُحْـتُ أسـأل شيطان القصيد iiألا فـأنـتَ مُـوحـي
قـوافيه iiومُلْهِمُهُ
فـقـال شـيـطانهُ الأشقى
إليك iiبه نـحن الشياطينَ نوحي
الشِّعر iiمختلفاً
ذاكَ الـذي
أَلـهـمَ العُشَّاق مُذْ iiولدوا وهو الذي رافق (المجنونَ) حين iiبكى
وبـعـضُـنـا يُلْهِمُ
المدَّاح ما iiهتفوا فـهـو الذي أرشدَ (الأَعْشى) iiبِمِشْعَلِهِ
ومـن
بـنـي قومِنا من كان iiمهتدياً فـنـالَ (حـسَّـان) من قِيْثَارهِ iiوتراً
تـجـلـو قـصائده
الظَّلماءَ iiمشرقةً حـتَّى الهجاءُ قد
استوحى ii(حُطيئتهُ)
وبـيـنـنـا
مستطيرُ الشَّرِّ iiمفترسٌ وجـاء مـنَّـا ذَوُو فَـنٍّ وكـان iiبنا
حـديـقـةٌ يَـعْـرُبِيُّ
الأصلِ منبتُها هـيَ الـغـناءُ يمسُّ السَّمعَ iiيسحرهُ
رقَّـتْ فـكـانت
كقطر الماء iiمُنْسكباً وزمـجرتْ فهي يومَ الزَّحف iiمُرسلةٌ
وأنـشـدتْ فـهي تاريخُ
الجهاد iiإذا وهـزَّتِ الـمجدَ تحيي
مَيْتَ iiدَارِسِهِ
قـالـوا
القوافي عسيراتٌ فقلت iiكذا وقِـيـلَ سـدٌّ أمـام الـفكر يسجنه
يـا أَحْرُفَ الضَّادِ
عهدٌ أن نَظَلَّ iiعلى نُـمـتّع الفكرَ والروح المشوق iiإلى
نـرعـى القوافي
نناجي اللَّيل نَقْطَعُه , أرعـى الـقوافيَ بين السُّهْد iiوالمللِ
أُجْـفِلْنَ من أسهم
الرَّامي على iiعجلِ مـوزَّعُ الْـخَفْقِ بين الأمنِ iiوالوجلِ
مـنـها وحيناً
بروضٍ مزهرٍ iiخَضِلِ بـكـلِّ خـيـطٍ رتيب النَّظم متَّصلِ
وتـطـلـب الـبَرَّ
سبَّاحاً ولم iiتَصلِ بـحـرٍ مـديـدٍ إلى بحرٍ من iiالرَّملِ
مُـسَـهَّـدَ
الـجفنِ في مُسْتَفْعِلنْ فَعِلِ تـلـكَ الـدواوينَ من نُظَّامها iiالأُوَلِ
قـد أنـشـدوهُ وراء
الـشَّاةِ iiوالجملِ كـالـرَّمل تنثره
في السَّهل iiوالجبلِ
قـيـدُ
الـقوافي ولا يشكو من iiالعِلَلِ كـسـرٌ فـسـاقاه تهتزَّان من iiخَطَلِ
عـلـيا تحاسب في الأخطاء iiوالزَّللِ ولا بـكـى
مُـدْنـفاً يوماً على iiطَلَلِ
ولا تـغـنَّـى بـذكر البانِ iiوالأَسَلِ ولا تـحـرَّق
شـوقـاً إِثْرَ iiمُرْتحلِ
أدري أأنـصفتُ أم أسرفتُ في
iiعَذلي رأيٌ سـديـدٌ
يُـريـنا أرشدَ iiالسُّبُلِ
من عصر قحطانهِ أو عصره iiالْجَهِلِ رأيـاً سـديـداً
وَجِـدَّاً ليس iiبالْهَزِلِ
فـبـعضُنا من نَدَامَى
الحبِّ iiوالغزلِ وكـم رمـاهمْ
بطرفٍ ساحرِ iiالكَحِلِ
لـيلى وروَّى الثَّرى من دمعه iiالهَطِلِ بـه لـكـلِّ
كـريـمٍ مـاجـدٍ بَطَلِ
وألـبـس (الـمـتنبِّي) زاهيَ الحُلَلِ بالله
يـرجـوُ لـديـه أكـرمَ iiالنُّزُلِ
فـأنـفـقَ العمرَ يُطري سيِّد iiالرُّسُلِ فـي لـيـلها
الحالك الْمُرْبَدِّ iiكالْشُّعَلِ
يـسـتلهم الهجو من شيطانه iiالسَّفِلِ وبـيـنـنـا
مستقيمُ الخلقِ iiكالحملِ
قـومٌ فـلاسـفـةٌ مـن سائِرِ
الْمِلَلِ قـطـوفُـهـا يانعاتُ الطَّلع iiوالأُكُلِ
وهـي الـشِّـفاهُ لقلبِ
الْمُوجَعِ iiالثَّكِلِ وفـاخرتْ فهي في
الجوزاء أو iiزُحَلِ
بـقـاصـفٍ من لهيب النارِ iiمُشْتَعِل تُـتْـلـى
الصَّحائِفُ في آَنٍ iiومُقْتبلِ
فـأيـقـظـتْ كلَّ رُوْحٍ
خاملٍ iiكَسِلِ مـدارجُ الـمـجـد
والعلياء iiوالأَمَلِ
في محبسٍ عن
ضياء العصر iiمنفصِلِ هـواكِ لا نـرتضي
بالعهد من iiبَدَلِ
جَـنَّـاتِكَ الْخُضرِ بين
الماء iiوالظُّلَلِ بـكـلِّ طـرفٍ
بجمرِ السُّهْدِ iiمُكْتَحَلِ